رئيس التحرير
أيمن حسن

«احذر فتن الطريق»
رفيق الدرب وصديق رحلة البحث عن الدرب المستنير..

مما لاشك فيه أن كل السائرين على الطريق صفوة وُفِقوا للمسلك المنجّي.. لكن هل كلهم واصل؟ وهل يكفى أن نخطو بجد ونواصل المسير لنصل؟

 

هيهات هيهات.. فلو كان الأمر هكذا لهان؛ فلا بد من الفتن وانتقاء الله للصفوة، فهو سبحانه يعلم بالطبع سرائرنا وصِدق منهجنا وإخلاص قلوبنا، لكنه شاء أن يقيم الحُجة على الضعفاء منا أمام الفتن.

قال تعالى {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ…}، لذل فليس كل ما يهبنا الله مِنح بل منها المحن، وليس كلها عطية بل منها البلية.

أيها السائر.. كن حذرًا من فتن الطريق، واعلم أن المال نعمة منه عز وجل ولكن كيف حالك إن ملكته هل سيلهيك ويشغلك عن الطريق أم يعينك؟!.. وهل السُلطة والمناصب لتلتفت أم تقترب وتتقرب وتُثاب؟.

واعلم.. ليس كل العطاء رضا من الله، فقد يغدق الله على العاصي ليستدرجه ويقيم عليه الحجة البالغة.. قال العلماء: "إذا رأيت أن الله يعطي العبد على معاصيه، فاعلم أنه استدراج".

 

قال سبحانه: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ۝ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.. فكم من مغرور طغى وحق عليه الحجة ليحمل أوزاره كاملة.. فكل نعم الدنيا زائلة وكل ابتلاءاتها تافهة.

رفيق الدرب..
قدّر مكانك بين السعادة والشقاء بيقظتك لفتن الطريق عطاء كانت أم بلاء؛ فلا هذة تلهيهك ولا تلك تسخطك، وذق قول ربك {لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ..} فلا ما نِلنا يلهينا فرحًا، ولا ما منع يلهينا حزنًا.

وسبحان المولى الرحيم الذي حذرنا من تلك الفتن بوضوح لا يحتمل الجهالة {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}، ورغم ذلك ما يزال الكثير منا يتساقط أمام فتن العطاء ويضعف من قوة الابتلاء.

قف أمام نعم الله لتعرف ما رسالتها إليك، وتدبر الابتلاء صابرًا لتنل رضا الرحمن.. وتيقن أن زمام أمرك بيدك إن أردت أن تحول كل نعم الله لقربى تعينك على الطريق.

قال ابن مسعود رضى الله عنه: (لا يقل أحدكم أعوذ بالله من الفتن، ولكن ليقل أعوذ بالله من مضلات الفتن، ثم تلا: {إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ..}).. فلا يستعاذ من المال والولد إن أحسنّا دورهما في رحلتنا، وإنما المستعاذ منه ما يشغلنا عن الله نعمة كان أو نقمة.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (كل ما يشعل صاحبه عن الله فهو فتنة له).. وما أعظم قول سيدنا حينما سألوه عن الدنيا فقال: "ما أصف من دار أولها عناء وآخرها فناء، حلالها حساب وحـرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، ومـن افـتـقـر فـيـــهـا حـزن).

وتيقن .. أنه حتى المستغنَى عنها لابد من التعرض فيها للفتنة، فاحذر واحترس وكن فطنًا وحول كل الفتن لمعين على الطريق؛ فكل نعم الله عطية إن فطنت لفتنتها ونجوت.

قال سعيد بن جبير في وصفه الدنيا: (متاعُ الغُرورِ ما يُلْهِيكَ عن طَلبِ الآخرةِ، وما لم يُلْهِكَ فليسَ مَتاعَ الغُرورِ، ولكنّه بَلاغٌ إلى ما هو خَيرٌ منه).

ختامًا
فى طريق الوصول لابد أن تكون صاحب تمييز بين النعمة والفتنة، فقد يصيب رجلين شيئًا واحدًا ويكون بالنسبة لأحدهما نعمة وللآخر فتنة على قدر يقظتهما؛ فحتى القرآن للمؤمنين شفاء ورحمة، ولكنه لا يزيد الظالمين إلا خسارة.

نقلا عن صفحة النائب المهندس أشرف رشاد نائب أول رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام للحزب وزعيم الأغلبية بمجلس النواب

تم نسخ الرابط